top of page
بحث

الأمن الغذائي في الدول الإسلامية الأفريقية... هل من دور لمنظمة التعاون الإسلامي؟

  • صورة الكاتب: Dr. Amal Khairy
    Dr. Amal Khairy
  • 20 يونيو 2018
  • 14 دقائق قراءة

تاريخ التحديث: 18 يوليو 2019




د. أمل خيري

ملخص

تهدف الدراسة إلى تسليط الضوء على أهم مؤشرات الأمن الغذائي في الدول الأفريقية المنتمية إلى منظمة التعاون الإسلامي والتي تصنف ضمن بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض، كما ترصد الدراسة أبرز أدوار المنظمة في مجال تعزيز الأمن الغذائي في هذه الدول.

وخلصت الدراسة إلى تزايد حالة انعدام الأمن الغذائي وتفاقم حالة سوء التغذية في هذه الدول، وذلك على الرغم من جهود منظمة التعاون الإسلامي وغيرها من المنظمات، مما يستلزم معه توجيه المزيد من الدعم وبناء الشراكات الدولية من أجل تحسين حالة الأمن الغذائي في هذه الدول.

الكلمات المفتاحية

الأمن الغذائي، قصور التغذية، سوء التغذية، منظمة التعاون الإسلامي


البحث منشور بمجلة اقتصاد



مقدمة

تصدَّر هدف القضاء على الفقر المدقع والجوع قائمة الأهداف الإنمائية للألفية التي وضعتها الأمم المتحدة للقرن الحادي والعشرين، بتبني خفض نسبة السكان الذين يعانون من الجوع إلى النصف في ‏الفترة ما بين 1990 و2015.

واستمرارًا لما تحقق من تقدم نسبي في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، ومع مطلع عام 2016 بدأ تنفيذ خطة أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، وتمثل الهدف الثاني في القضاء التام على الجوع والوقاية من جميع أشكال سوء التغذية بحلول عام 2030[1].

وتزامنًا مع هذه الخطة الكبرى، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عقد الأمم المتحدة للعمل من أجل التغذية (2016 – 2025)، والذي يؤكد أن التغذية وتحسين الأمن الغذائي من أهم أولويات التنمية المستدامة، ومن ثم فإن الحاجة ماسة إلى القضاء على الجوع والتصدي لخطر سوء التغذية في جميع أنحاء العالم[2].

وعلى الرغم من كل هذه المبادرات الدولية فإن معدلات الجوع أخذت في التزايد خلال العقد الأخير، وذلك بعد أن شهد العالم تقدمًا جيدًا نحو تخفيض الجوع مطلع التسعينيات، فتشير الإحصاءات إلى ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعانون الجوع وسوء التغذية حول العالم من 777 مليون نسمة عام 2015 إلى 815 مليون نسمة عام 2016.

وتتزايد الأوضاع تفاقمًا في دول أفريقيا جنوب الصحراء؛ حيث تشتد النزاعات المسلحة المصحوبة بتدهور بيئي وحالات جفاف أو فيضانات[3].

مشكلة البحث

عانت أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى منذ عام 2015 من اضطرابات مناخية حادة بسبب الظواهر الجوية مثل النينو والنينا[4]، والتي تضر باقتصاد الدول الفقيرة؛ نظرًا لما يصاحبها من فيضانات مدمرة وأمطار شديدة أو جفاف غير معهود، مما يترتب عليه نقص هائل في الغذاء والمياه اللازمة للشرب والزراعة، الأمر الذي كان له تأثير سلبي على ملايين الأسر الفقيرة تمثل في انتشار الآفات والأمراض التي تصيب كل من الإنسان والنبات والحيوان، ومن ثم تتزايد احتمالات حدوث النزاعات والصراعات والصدمات الاجتماعية والاقتصادية في هذه المناطق، وكل هذا من شأنه تقويض الجهود التي بذلت على مدى العقود الماضية من أجل تحقيق الأمن الغذائي وتحسين حالة التغذية بين أبناء القارة السمراء.

كان هذا دافعًا للعديد من المنظمات الدولية كي تولي اهتمامًا مضاعفًا بتعزيز الأمن الغذائي في القارة الأفريقية، ومن بين هذه المنظمات منظمة التعاون الإسلامي والتي تنتمي إليها اثنتان وعشرون دولة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى؛ لذا تسعى الدراسة إلى تسليط الضوء على حالة الأمن الغذائي في الدول الأفريقية المنتمية إلى المنظمة، مع رصد أهم أدوار المنظمة بهذا الشأن.

وتشمل الدراسة إضافة إلى المقدمة والخاتمة ثلاثة محاور، حيث يتم التعريف بمفهوم الأمن الغذائي وأبعاده المختلفة في المحور الأول، ثم يستعرض المحور الثاني أهم مؤشرات الأمن الغذائي في الدول محل الدراسة، أما المحور الثالث فيعرض أبرز برامج منظمة التعاون الإسلامي من أجل تعزيز الأمن الغذائي في الدول الأفريقية الأعضاء بها.

أولًا- الأمن الغذائي ... المفهوم والأبعاد:

يتمثل الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة 2030 في "القضاء على الجوع وضمان حصول الجميع، ولا سيما الفقراء والفئات الضعيفة، بمن فيهم الرضّع، على ما يكفيهم من الغذاء المأمون والمغذّي طوال العام بحلول عام 2030".

ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) يتحقق الأمن الغذائي حينما "تتوافر لجميع الناس، وفي كل الأوقات، الإمكانات المادية، والاجتماعية، والاقتصادية؛ للحصول على غذاء كاف، وآمن، ومغذٍّ؛ لتلبية احتياجاتهم التغذوية، وأفضلياتهم الغذائية؛ من أجل حياة صحية نشطة"[5].

ويتضمن هذا التعريف أربعة أبعاد رئيسة للأمن الغذائي لابد من تحققها في آن واحد، وهي:

1) التوفر المادي للمواد الغذائية (جانب العرض):

يقصد به القدرة على إنتاج وتخزين واستيراد ما يكفي من الغذاء لتلبية الاحتياجات الأساسية لجميع الفئات السكانية، أي توافر كميات كافية من الأغذية بجودة مناسبة سواء بالإنتاج المحلي أو بالواردات (بما في ذلك المعونة الغذائية). ويتحدد هذا التوفر من خلال مستوى الإنتاج الغذائي ومستويات المخزون وصافي التجارة، والذي يعتمد بالطبع على عدة عوامل من بينها أسعار المدخلات والمخرجات النسبية وكذلك على إمكانيات الإنتاج التكنولوجي.

2) الوصول الاقتصادي والمادي للغذاء (جانب الطلب الفعال):

لا يكفي الإمداد الكافي من الغذاء بحد ذاته لضمان تحقيق الأمن الغذائي على مستوى الأسرة؛ لذا لابد من التأكد من القدرة الاقتصادية والمادية للأفراد على الوصول إلى الغذاء بما يشمل توفر الدخل الكافي وإتاحة الغذاء بأسعار مناسبة للجميع.

3) الانتفاع من الغذاء:

ويعني الطريقة التي يستفيد بها الجسم من العناصر الغذائية المختلفة في الطعام؛ حيث تنتج لابد من استهلاك المواد الغذائية بطريقة صحية آمنة تتضمن ممارسات التغذية الصحية السليمة وتنوع النظام الغذائي، وتوزيع الغذاء داخل الأسرة، والمياه النقية والرعاية الصحية، للوصول إلى حالة تغذوية سليمة تفي بكل الاحتياجات الفسيولوجية للأفراد.

4) استدامة واستقرار الغذاء:

لابد أن يستمر الأفراد في الحصول على الغذاء الكافي الآمن بصورة دورية ومستدامة؛ لذا فإن الصدمات المناخية، والأزمات الاقتصادية كالبطالة وارتفاع أسعار المواد الغذائية، والنزاعات وعدم الاستقرار السياسي، والظواهر الدورية (مثل ندرة الأغذية الموسمية)، كل هذا من شأنه التأثير على حالة الأمن الغذائي. ويتم تحقيق الاستدامة من خلال حماية النظام البيئي وتحسينه بمرور الوقت، مع ضمان استمرار حصول جميع الفئات الاجتماعية على ما يكفي من الغذاء[6].

في المقابل تشير حالة انعدام الأمن الغذائي إلى الحالة التي يفتقر فيها الأشخاص إلى إمكانيات الوصول إلى الكميات الكافية من الأغذية المأمونة والمغذّية لضمان نمو وتنمية طبيعيين وحياة مفعمة بالنشاط والصحة. وقد يكون نتيجة عدم توافر الأغذية أو عدم كفاية القدرة الشرائية أو التوزيع غير الملائم أو استخدام الأغذية بشكل غير مناسب على صعيد الأسر[7].

وقد أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة عقد الأمن الغذائي (2016 – 2025) والذي يستهدف القضاء على الجوع وإنهاء جميع أشكال سوء التغذية، وضمان حصول كل الأفراد على الغذاء الكافي والمأمون، بما يتماشى مع العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وأهداف التنمية المستدامة 2030، والمواثيق الدولية الأخرى ذات الصلة[8].

وتعد الدول النامية من أكثر المناطق عرضة للإصابة بانعدام الأمن الغذائي؛ حيث تعيش أغلبية الفقراء ومعظم الجياع في المناطق الريفية المعتمدة على نمط الزراعة الأسرية، والحيازات الصغيرة، والتي تتأثر تأثرًا شديدًا بارتفاع أسعار المدخلات الزراعية وتكاليف النقل، والصدمات المناخية والاقتصادية، وشح المياه، وسياسات الصادرات والواردات وسياسات الأجور والأسعار وغير ذلك. كما يصبح انعدام الأمن الغذائي سببًا ونتيجة في آنٍ واحد للنزاعات والصراعات الأهلية والتي تؤدي إلى المزيد من الجوع والوفيات[9].

من هنا فإن النمو الاقتصادي أمر ضروري للتخفيف من الجوع والقضاء على سوء التغذية، خاصة في البلدات ذات الدخل المنخفض؛ إذ يترتب على النمو الاقتصادي زيادة دخول الأسر المعيشية، من خلال رفع الأجور، وزيادة فرص العمل، مما يزيد القدرة الشرائية اللازمة للحصول على الغذاء والتغذية السليمة، والذي يصب في نهاية المطاف في تعزيز القدرات البشرية والإنتاجية، ومن ثم أداء اقتصادي أفضل على مستوى الدولة.

ثانيًا- حالة الأمن الغذائي في الدول الأفريقية الإسلامية:

تضم الدول الأفريقية جنوب الصحراء 22 دولة عضو في منظمة التعاون الإسلامي (SSA-OIC)، وهي: أوغندا، السنغال، السودان، الصومال، الكاميرون، النيجر، بنين، بوركينا فاسو، تشاد، توجو، جزر القمر، جيبوتي، سيراليون، جامبيا، غانا، غينيا، غينيا – بيساو، كوت ديفوار، مالي، موريتانيا، موزمبيق، ونيجيريا.

1) مؤشرات إنتاج الغذاء في دول SSA-OIC:

بلغ مؤشر إنتاج الغذاء الصافي في المتوسط 140.47 عام 2016 لسنة الأساس 2004 – 2006، وتراوحت قيمة المؤشر بين 201.22 في سيراليون إلى 98.31 في أوغندا. في حين بلغ مؤشر إنتاج الغذاء للفرد 103.39، وتراوحت قيمته بين 153.98 في سيراليون إلى 67.62 في أوغندا.

ومن حيث الكمية بلغ إنتاج الغذاء 255375 ألف طن متري في دول المجموعة عام 2013، وتصدرت نيجيريا بإنتاج 114439 ألف طن متري بنسبة 44.8% من إجمالي إنتاج الغذاء في دول المجموعة، في حين لم تنتج جيبوتي سوى 393 ألف طن متري.

وارتفعت صادرات الأغذية لدول SSA-OIC من 3.7 مليار دولار عام 2000 إلى 6.36 عام 2013، كما ارتفعت واردات الأغذية من 5.27 مليار دولار عام 2000 إلى 10.98 عام 2013. واستحوذت ساحل العاج على نسبة 85% من إجمالي صادرات الأغذية لدول المجموعة، في حين تصدرت نيجيريا دول المجموعة في واردات الأغذية بنسبة 40.7% لعام 2013[10].

2) مؤشر انتشار قصور التغذية في دول SSA-OIC:

شهدت نسبة انتشار قصور التغذية في مجموع السكان في المتوسط تحسنًا ضئيلًا في دول SSA-OIC على مدى عشر سنوات؛ حيث انخفضت من 21.58% (2004- 2006) إلى 16.35% (2014 – 2016). وعلى الرغم من ذلك تظل هذه المنطقة من أكثر المناطق معاناة من قصور التغذية؛ ويعزى ذلك إلى زيادات أسعار الغذاء في المناطق المتأثرة بظاهرة النينو والنينا مع تفاقم الجفاف، أضف إلى ذلك زيادة حدة النزاعات في البلدان التي تواجه بالفعل مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي، الأمر الذي يؤثر سلبًا على إنتاج الأغذية[11].

3) مؤشر المعاناة من انعدام الأمن الغذائي:

يقيس المؤشر شدة انعدام الأمن الغذائي، وتتراوح حالة انعدام الأمن الغذائي من الخفيف إلى المعتدل إلى الحاد، فانعدام الأمن الغذائي الخفيف يتعلق بالقلق حيال القدرة على الحصول على الأغذية، في حين ينصب انعدام الأمن الغذائي المعتدل على تراجع نوعية الأغذية وتنوعها أو خفض الكميات وتفويت الوجبات، أما انعدام الأمن الغذائي الحاد فيتمثل في حالة المعاناة الفعلية من الجوع.

وبلغ متوسط انتشار انعدام الأمن الغذائي الحاد في مجموع السكان في دول SSA-OIC 25.13% عام (2014 – 2016) أي أن ربع السكان في هذه الدول يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد (الجوع).

4) مؤشرات سوء التغذية في دول SSA-OIC:

لا تقتصر أهداف التنمية المستدامة على التخفيف من حدة الجوع فقط، بل امتدت إلى وضع نهاية لجميع أشكال سوء التغذية. ويتراوح سوء التغذية من قصور التغذية الحاد إلى الوزن الزائد والبدانة. ويعرض شكل رقم (1) أهم مؤشرات سوء التغذية في دول SSA-OIC، حيث تزيد معدلات التقزم[12] والهزال[13] لدى الأطفال دون سن الخامسة عن المتوسط العالمي، في حين تنخفض معدلات الوزن الزائد لدى الأطفال دون الخامسة[14] والبدانة لدى البالغين[15] عن المتوسط العالمي.

كما تزيد معدلات فقر الدم لدى النساء في سن الإنجاب[16] عن المتوسط العالمي، وتنخفض معدلات الرضاعة الطبيعية الخالصة للرضع الذين تقل أعمارهم عن ستة أشهر[17] عن المتوسط العالمي وذلك لعام 2016.




5) العجز الغذائي في دول SSA-OIC:

تنتمي جميع دول المجموعة إلى شريحة بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض[18]، وتعاني 8 دول من نقص كبير في وصول الغذاء وهي: بوركينا فاسو، تشاد، جيبوتي، غينيا، مالي، موريتانيا، النيجر، وسيراليون، كما تعاني 5 دول من انعدام الأمن الغذائي المحلي الحاد، وهي: الكاميرون، موزمبيق، الصومال، السودان، وأوغندا؛ وذلك بسبب تزايد أعداد اللاجئين والنازحين مما شكل ضغطًا إضافيًا على الإمدادات الغذائية المحلية، مع انتشار الجفاف وظهور مرض الايبولا ووجود الصراعات الأهلية.

ثالثًا- دور منظمة التعاون الإسلامي في تحقيق الأمن الغذائي:

تواجه العديد من الدول الإسلامية خاصة الدول الأفريقية العديد من التحديات التي تعيق التنمية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي، مع تحول مشهود نحو تزايد النشاطات الخدمية بدلًا من الإنتاج الزراعي؛ حيث انخفض متوسط نسبة مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي للدول الإسلامية من 22.69% عام 1990 إلى 16.93% عام 2016، وانخفض في دول SSA-OIC من 31.19% إلى 28.5%.

ويعود هذا التراجع إلى تغيرات هيكلية ومناخية وجغرافية تشمل تزايد هجرة القوى العاملة الزراعية من الريف إلى الحضر، وندرة الموارد المائية وسوء الظروف المناخية، وضعف الاستثمارات الزراعية وتدني حالة البنية التحتية والتكنولوجيا الزراعية، إضافة إلى تقلبات أسعار الغذاء والسلع الزراعية ومعوقات النفاذ إلى الأسواق العالمية، مما ترتب عليه انخفاض الإنتاجية الزراعية ومن ثم تزايد الفجوة الغذائية، وزيادة عدد الذين يعانون الجوع وسوء التغذية.

وتولي منظمة التعاون الإسلامي اهتمامًا بالغًا بتحقيق الأمن الغذائي لأعضائها، لاسيما البلدان ذات الدخل المنخفض والدول الأقل نموًا. ويتجلى هذا الاهتمام في النص على ضرورة تعزيز الأمن الغذائي في جميع خطط العمل التي وضعتها المنظمة، فقد أشارت خطة عمل المنظمة لعام 1981 إلى أهمية التعاون في مجال الأمن الغذائي والزراعة وتم اعتماد برنامج عمل في مجال الأغذية والزراعة. كما حددت خطة عام 1994 الغذاء والزراعة والتنمية الريفية كإحدى الأولويات العشرة للتعاون بين دول منظمة التعاون الإسلامي. وأعلنت المنظمة الفترة (1991 – 2000) عقدًا للأمن الغذائي للدول الإسلامية[19].

أكد "برنامج العمل العشري لمواجهة تحديات الأمة الإسلامية في القرن الحادي والعشرين" عام 2005 ضرورة دعم التنمية والتخفيف من حدة الفقر في الدول الأعضاء، ولا سيما في أفريقيا والبلدان الأعضاء الأقل نموًا.

وتضمن برنامج عمل المنظمة حتى عام 2025 العمل على استدامة الأمن الغذائي في الدول الأعضاء من خلال زيادة الإنتاجية الزراعية وتطوير نظم للإنتاج الغذائي تراعي التنوع الزراعي، والاستغلال الأمثل للأراضي، والاقتصاد في استهلاك المياه، وكفاءة استخدام الأراضي، وتشجيع ودعم الاستثمارات البينية في هذا المجال[20].

وتستعرض الدراسة فيما يلي أهم المشروعات التي دشنتها المنظمة أو ما زالت قيد التطوير من أجل تحقيق الأمن الغذائي في الدول الأعضاء بها مع الإشارة إلى البرامج المخصصة للدول الأفريقية:

1) المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي:

تقدمت كازاخستان بمقترح لإنشاء منظمة متخصصة للأمن الغذائي، وذلك خلال الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس وزراء الخارجية الإسلامي الذي انعقد في أستانا بكازاخستان في نوفمبر 2012، وتمت الموافقة على المقترح[21]. وبعد عدة اجتماعات ومناقشات تم إعلان إنشاء المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي خلال الدورة الثانية والأربعين لمجلس وزراء الخارجية، الذي انعقد في الكويت في مايو ٢٠١٥[22]. وتعد أحد المؤسسات المتخصصة في منظمة التعاون الإسلامي، والتي أنيط بها تنفيذ البرامج المتخصصة في مجالات الزراعة والتنمية الريفية والأمن الغذائي بالتعاون مع اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري (الكومسيك)[23].

وتم عقد الدورة الأولى التأسيسية للجمعية العمومية للمنظمة الإسلامية للأمن الغذائي في أبريل 2016، في العاصمة الكازاخية، أستانا. ونص النظام الأساسي للمنظمة على اقتصار عضوية المنظمة الوليدة على الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي والتي يمكنها أن تصبح عضوًا في المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي بمجرد التوقيع على النظام الأساسي، كما يمكن لأي دولة عضو أو مراقب في منظمة التعاون الإسلامي أو غير عضو أن تتقدم بطلب الحصول على صفة مراقب في المنظمة، ويجوز للمنظمات الإقليمية والدولية الحصول على صفة مراقب بعد تقديم طلب للجمعية العامة.

وتتمثل الأهداف الرئيسة للمنظمة في تقديم الخبرة الفنية للدول الأعضاء وتنسيق وصياغة وتنفيذ السياسات الزراعية المشتركة فيما يتعلق بالزراعة المستدامة والتنمية الريفية والأمن الغذائي، مع تقييم ورصد حالات الطوارئ وإنشاء احتياطيات الأمن الغذائي، وتعبئة وإدارة الموارد المالية والزراعية لتطوير الزراعة وتعزيز الأمن الغذائي[24].

2) مشروعات قيد الإعداد:

بناء على طلب من الدورة الرابعة والعشرين للكومسيك والتي عقدت في أكتوبر 2008 قام مركز الأبحاث الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والتدريب للدول الإسلامية (مركز أنقرة) باقتراح ثلاثة مشروعات من أجل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بما في ذلك الزراعة والأمن الغذائي:

‌أ- مشروع إنشاء مركز منظمة التعاون الإسلامي لتحسين البذور والمحاصيل (OIC-SCIC) والذي يهدف إلى توفير البذور عالية الجودة، من أجل تبادل المعرفة والتكنولوجيا اللازمة لتحسين الإنتاجية الزراعية والربحية للنظم الزراعية؛ بغرض تحقيق الأمن الغذائي المستدام والحد من الفقر في البلدان الأعضاء[25].

‌ب- مشروع إنشاء وكالة منظمة التعاون الإسلامي للنهوض بالاستثمار الزراعي (OIC-AIPA) والذي يهدف إلى إنشاء وكالة جديدة لتشجيع وتعزيز الاستثمارات المباشرة في قطاع الزراعة في البلدان الإسلامية، من خلال تسهيل فرص الاستثمار في البلدان الأعضاء، ومن ثم زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية والبينية المباشرة[26].

‌ج- مشروع إنشاء سوق منظمة التعاون الإسلامي لتبادل السلع الزراعية (OIC-ACEM) ويستهدف تيسير تدفق تجارة السلع الزراعية البينية من خلال إنشاء سوق بورصة للسلع الزراعية للدول الإسلامية[27].

هناك أيضًا مشروع إنشاء رابطة الصناعات الزراعية لمنظمة التعاون الإسلامي الذي أوصى به منتدى تنمية الصناعات الزراعية والغذائية في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، الذي عقد في 12 أكتوبر 2011. وتتمثل النتائج المتوقعة من إنشاء الرابطة في العمل على تحسين الإمدادات الغذائية المحلية، والحد من الواردات، وتوفير فرص العمل وخاصة في المناطق الريفية، والحد من التفاوت في الدخل، وتحفيز التنمية الريفية، وزيادة عائدات النقد الأجنبي من خلال تصدير المنتجات المصنعة ونصف المصنعة، والحد من الهجرة إلى المناطق الحضرية، وزيادة فرص الاستثمار في المناطق الريفية والحضرية[28].

3) برامج دعم الأمن الغذائي في دول SSA-OIC:

‌أ- إطار البنك الإسلامي للتنمية للتعاون مع أفريقيا:

تم إقرار "إطار البنك الإسلامي للتنمية للتعاون مع أفريقيا" عقب اجتماع مجلس محافظي البنك الإسلامي للتنمية السابع والعشرين، الذي انعقد في واجادوجو عاصمة بوركينا فاسو خلال الفترة (22 -23 أكتوبر 2002)، وقد صدر عن الاجتماع "إعلان واجادوجو" الذي تضمن تَعَهُّد مجموعة البنك الإسلامي بتقديم تمويل مقداره 2 مليار دولار للدول الأقل نموًا في أفريقيا، خلال خمس سنوات (2003 -2007)؛ بغرض التصدي للمشاكل التي تواجه هذه الدول وعلى رأسها الفقر وسوء التغذية، وفي نهاية الفترة المقررة قدم البنك 3 مليار دولار أي بأكثر من التمويل المستهدف بنسبة 50%[29].

‌ب- البرنامج الخاص للتنمية في أفريقيا SPDA:

أقرّ برنامج العمل العشري للمنظمة عام 2005 البرنامج الخاص للتنمية في أفريقيا Special Program for the Development of Africa (SPDA)، وقد شرع البنك الإسلامي للتنمية في تنفيذ البرنامج عام 2008 والذي امتد على مدى خمس سنوات حتى عام 2012 واستهدف تقديم تمويل بقيمة 4 مليار دولار؛ بغرض المساهمة في القضاء على الفقر وتحقيق النمو المستدام.

وفي نهاية الفترة المحددة تم تخصيص 5.01 مليار دولار لتنفيذ البرنامج بما يفوق المستهدف بنسبة 125%[30]. وقد حاز قطاع الزراعة على أكبر قدر من التمويل بمبلغ 1.4 مليار دولار وبما يوازي 28.57٪ من إجمالي التمويل؛ حيث تم زراعة واستصلاح أكثر من 800 ألف هكتار، إضافة إلى بناء صوامع للحبوب الاستراتيجية ومختبرات بحوث البذور[31].

‌ج- دعم صادرات السلع الزراعية الاستراتيجية:

تقوم المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة ITFC بدعم صادرات السلع الزراعية الاستراتيجية في دول SSA-OIC، وقد خصصت ITFC نسبة كبيرة من محفظة التمويل التجاري في أفريقيا جنوب الصحراء للسلع الزراعية بما يمثل 59٪، وكانت أكبر الدول المستفيدة من هذا التمويل عام 2017 بوركينا فاسو بنسبة 27%، تليها الكاميرون بنسبة 24%، ثم ساحل العاج بنسبة 8%، وجامبيا بنسبة 4%. ويتوجه الجزء الأكبر من التمويل في دعم سلع التصدير الرئيسة مثل القطن والفول السوداني[32].

وقدمت مجموعة البنك الإسلامي للتنمية تمويلًا للزراعة ودعم الأمن الغذائي لدول SSA-OIC عام 2017 بمقدار 1.6 مليار دولار، استحوذت الكاميرون وبوركينا فاسو ومالي والسنغال على 44.15% من إجمالي التمويل، كما يوضح شكل رقم (2).




خاتمة

كشفت البيانات الواردة بالدراسة عن تدهور حالة الأمن الغذائي في دول SSA-OIC، وزاد الأوضاع تفاقمًا تقلبات الأحوال المناخية، وزيادة الضغط على إمدادات الغذاء جراء تزايد أعداد اللاجئين الناجم عن الصراعات.

وقد أولت منظمة التعاون الإسلامي اهتمامًا كبيرًا بتحسين حالة الأمن الغذائي في الدول الأعضاء بها، وفي الدول الأفريقية على وجه خاص؛ فوضعت العديد من البرامج من أجل هذا الهدف. وعلى الرغم من ذلك فإن ما تواجهه بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض يتطلب المزيد من الجهود من خلال وضع استراتيجية شاملة للأمن الغذائي في هذه الدول، يشمل خططًا للاستعداد للكوارث الطبيعية وتدابير حاسمة لحماية الفقراء من تداعيات هذه الكوارث، مع تطوير آلية للاستجابة في حالات الطوارئ من خلال التنسيق وإقامة الشراكات مع الجهات المعنية العاملة في القارة.



 

المراجع

1. مركز أنقرة، الزراعة والأمن الغذائي في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي (أنقرة: مركز أنقرة، 2016).

2. منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم لأعوام 2015، 2016، 2017.

3. منظمة التعاون الإسلامي، منظمة التعاون الإسلامي حتى عام ٢٠٢٥ - برنامج العمل، وثائق الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي (اسطنبول: منظمة التعاون الإسلامي، 14 -15 أبريل 2016).

4. هيئة التحرير، "الأمن الغذائي في الدول الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية"، مجلة دراسات اقتصادية إسلامية (جدة: المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، المجلد 1، ع 2، يونيو 1994) ص 123 – 126.

5. ISDB, Special Program for the Development of Africa 2013 Progress Report, Submitted to 38th Meeting of the Board of Governors, Dushanbe, Tajikistan, Rajab 1434H/May 2013.

6. _____, Special Program for the Development of Africa (SPDA) Progress Report 2013 (Jeddah: Islamic Development Bank Group, 2013).

7. ITFC, ITFC Annual Report 2017 (Jeddah: The International Islamic Trade Finance Corporation, 2018).

8. OIC, Resolutions on Economic Issues, adopted by the 42nd Session of the Council of Foreign Ministers, Kuwait City, 27-28 May 2015.

9. OIC,” Resolutions on Economic Issues”, Submitted to the 43rd Session of the Council of Foreign Ministers, Tashkent, 18-19 October 2016.

 

الإحالات

([1]) https://www.un.org/sustainabledevelopment/ar/sustainable-development-goals/

([2]( منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2017 (روما، منظمة الأغذية والزراعة، 2017) ص14.

([3]( المرجع السابق، ص2.

([4]( تنشأ النينو نتيجة انتقال كتل هائلة من المياه الساخنة في المحيط الاستوائي من الشرق إلى الغرب، في حين تنشأ النينا نتيجة اندفاع المياه الساخنة نحو الشرق، من المحيط الهندي وآسيا وإندونيسيا وأستراليا. انظر:

https://www.okaz.com.sa/article/626879

([5]( منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2015 (روما، منظمة الأغذية والزراعة، 2015) ص 53.

([6]( منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2016 (روما، منظمة الأغذية والزراعة، 2016) ص 9.

([7]( حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2015، ص 53.

([8]( حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2017، ص 14.

([9]( حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم 2015، ص 26،27.

([10]) http://www.fao.org/faostat

([11]( حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم، ص2017

([12]( يعكس مؤشر التقزم (انخفاض الطول جدًا بالنسبة إلى العمر) للأطفال في السنوات الخمس الأولى حالة مزمنة من نقص التغذية، والتي تجعل الطفل عرضة للإصابة بالأمراض، وأقل قدرة على تطوير مهارات معرفية وقدرات تعليمية، مما يؤثر لاحقًا على إنتاجية العمل، وإمكانات كسب الدخل، ويؤدي انتشار التقزم في الدولة إلى تراجع التنمية الاقتصادية.

([13]( ويشير الهزال في مرحلة الطفولة إلى فقدان الوزن و/أو زيادة متدنية في الوزن. وعادة ما ينجم الهزال عن انخفاض الوزن عند الولادة، وعدم كفاية النظام الغذائي، وسوء ممارسات الرعاية، وحالات العدوى.

([14]( يتعرض الأطفال الذين يعانون من الوزن الزائد لخطر الإصابة بالأمراض المزمنة كالسكري، وارتفاع ضغط الدم، والربو، وأمراض الكبد وغيرها. وتشير الدراسات إلى أن الوزن الزائد في مرحلة الطفولة يزيد من خطر الإصابة بالبدانة، والوفاة المبكرة، والإعاقة في مرحلة البلوغ، الأمر الذي يترتب عليه انخفاض أو فقدان الإنتاجية، مما يعني تكاليف اقتصادية مرتفعة.

([15]( تعد البدانة لدى البالغين مظهرا من مظاهر حرق الجسم سعرات حرارية أقل مما يستهلك، وهي عامل أساسي للإصابة بكثير من الأمراض الخطيرة مثل أمراض القلب وبعض أنواع السرطان، مما يشكل أعباء متزايدة على الأسر والمجتمعات.

([16]( ينتج فقر الدم عن تناول نظام غذائي منخفض المغذيات الدقيقة كالحديد والفيتامينات ألف وب 12، ويؤدي إلى الأمراض الحادة المزمنة كالملاريا والسل وفيروس نقص المناعة، كما قد يتسبب في السرطان وأمراض مزمنة أخرى. وتؤثر إصابة النساء في سن الانجاب بفقر الدم على الأسرة وعلى التنمية الاجتماعية والاقتصادية نتيجة انخفاض الإنتاجية، وزيادة خطر وفيات الأمهات.

([17]( أقرت منظمة الصحة العالمية هدف زيادة معدل الرضاعة الطبيعية الخالصة بنسبة 50% في الأشهر الأولى من الحياة؛ لما يترتب عليها من القضاء على الجوع وسوء تغذية الأطفال والحد من وفيات الأطفال.

([18]( تصنف منظمة الأغذية والزراعة بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض على أساس ثلاثة معايير: 1- انخفاض نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي عن 1915 دولار أمريكي، 2- متوسط صافي واردات الغذاء (أي الواردات - الصادرات)، 3- معيار الاستبعاد الذاتي عندما تطلب البلدان التي تقع في فئة بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض على أساس المعيارين السابقين من المنظمة عدم إدراجها في هذه الفئة. وتتضمّن قائمة بلدان العجز الغذائي المنخفضة الدخل 52 دولة، من بينهم جميع دول SSA-OIC، http://www.fao.org/countryprofiles/lifdc/ar/.

([19]) هيئة التحرير، "الأمن الغذائي في الدول الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية"، مجلة دراسات اقتصادية إسلامية (جدة: المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، المجلد 1، ع 2، يونيو 1994) ص 123 – 126.

([20]) منظمة التعاون الإسلامي، منظمة التعاون الإسلامي حتى عام ٢٠٢٥ - برنامج العمل، وثائق الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي (اسطنبول: منظمة التعاون الإسلامي، 14 -15 أبريل 2016). على الرابط:

https://www.oic-oci.org/upload/pages/typoa/ar/13TYPOA_r5_ar.pdf

([21]) مركز أنقرة، الزراعة والأمن الغذائي في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي (أنقرة: مركز أنقرة، 2016) ص 97-98.

([22]) OIC, Resolutions on Economic Issues, adopted by the 42nd Session of the Council of Foreign Ministers, Kuwait City, 27-28 May 2015.

([23]) OIC,” Resolutions on Economic Issues”, Submitted to the 43rd Session of the Council of Foreign Ministers, Tashkent, 18-19 October 2016.

([24]( مركز أنقرة، مرجع سابق، ص98.

([25]( المرجع السابق، ص101.

([26]( المرجع السابق، ص105.

([27]( المرجع السابق، ص106.

([28]( المرجع السابق، ص98.

([29]) ISDB, Special Program for the Development of Africa 2013 Progress Report, Submitted to 38th Meeting of the Board of Governors, Dushanbe, Tajikistan, Rajab 1434H/May 2013, p. iv.

([30]) Islamic Development Bank: Special Program for the Development of Africa (SPDA) Progress Report 2013 (Jeddah: Islamic Development Bank Group, 2013).

([31]) Idem.

([32]) ITFC, ITFC Annual Report 2017 (Jeddah: The International Islamic Trade Finance Corporation, 2018) p. 33.


 

الملاحق


Source: http://www.sesric.org/oicstat


Source: http://www.fao.org/faosta

Comentarios


bottom of page