top of page
بحث

السفر الحلال في إفريقيا الفرص والتحديات

  • صورة الكاتب: Dr. Amal Khairy
    Dr. Amal Khairy
  • 15 مايو 2020
  • 14 دقائق قراءة


يشهد العالم تناميًا متزايدًا في التوجه نحو الاقتصاد الإسلامي بجميع قطاعاته التي تشمل التمويل الإسلامي والأغذية والسفر الحلال والأزياء المحافظة والإعلام والترفيه والمستحضرات الدوائية ومستحضرات التجميل الحلال.

ويقدر إنفاق المسلمين حول العالم بنحو 2.1 ترليون دولار أمريكي في عام 2017 على قطاعات الاقتصاد الإسلامي المختلفة، مع توقعات بأن يصل إلى 3.07 مليار عام 2023. ويبلغ إجمالي الإنفاق العالمي على قطاع السفر الحلال قيمة 177 مليار دولار[1].

وتعد القارة الإفريقية من الاقتصادات الواعدة في كثير من قطاعات الاقتصاد الإسلامي، خصوصًا في مجال السفر الحلال.

تسعى هذه الدراسة إلى الوقوف على أبرز مستجدات القارة الإفريقية في قطاع السفر الحلال وأهم الفرص والتحديات التي ترافق هذا القطاع الهام.

وتشمل الدراسة إلى جانب المقدمة عدة محاور؛ حيث يستعرض المحور الأول أداء قطاعات الاقتصاد الإسلامي في إفريقيا، وينتقل المحور الثاني إلى التعريف بمفهوم السفر الحلال وحجم السوق العالمي ومظاهر الاهتمام به، ثم يتناول المحور الثالث أهم مؤشرات سوق السفر الحلال في إفريقيا، ويستشرف المحور الرابع مستقبل السفر الحلال في إفريقيا بعرض الفرص التي يضمها هذا القطاع والتحديات التي تواجهه، وأخيرًا تقترح الدراسة بعض التوصيات التي يمكن أن تسهم في تطوير السفر الحلال في القارة.

أولًا- أداء قطاعات الاقتصاد الإسلامي في إفريقيا:

شهد الاقتصاد الإسلامي تطورًا كبيرًا في إفريقيا في السنوات الأخيرة، وأصبح التوجه نحو أدوات التمويل الإسلامي والمنتجات الحلال محورًا أساسيًا في العديد من الدول الإفريقية.

وللتعرف على أهم ملامح الاقتصاد الإسلامي في القارة تستعرض الدراسة أهم نتائج مؤشر الاقتصاد الإسلامي العالمي Global Islamic Economy Indicator (GIEI)، وهو عبارة عن مؤشر مرجح مركب سنوي يقيس تطورات أداء القطاعات الاقتصادية الإسلامية في 76 دولة (إسلامية وغير إسلامية)، قام بإعداده مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي بالتعاون مع "تومسون رويترز" و"دينار ستاندرد"، ويصدر للسنة السادسة على التوالي.

وقد تصدرت ماليزيا المؤشر لعام 2018/2019 بحصولها على 126.77 نقطة، تليها الإمارات بحصولها على 88.68 نقطة. ويلاحظ أن المجموعة الآسيوية تحتل المراكز المتقدمة في المؤشر، تليها دول التعاون الخليجي ودول الشرق الأوسط، أما إفريقيا فباستثناء دول الشمال الإفريقي نجد أن تطبيقات الاقتصاد الإسلامي بكل قطاعاته لا تزال حديثة العهد نسبيًا وفي طور النمو، ومع ذلك يعدها الكثير هي وجهة الاستثمارات الإسلامية المستقبلية[2].

ووفقًا لمؤشر الاقتصاد الإسلامي العالمي لعام 2018/2019، فإن إفريقيا حصلت على 14.09 نقطة في المؤشر مقابل المتوسط العالمي الذي بلغ 22.04. وحصلت مجموعة شمال إفريقيا المكونة من خمس دول (مصر، ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب) على 14.03 نقطة في المؤشر العالمي، في حين كان متوسط دول إفريقيا جنوب الصحراء -سواء منها الأعضاء أو غير الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي- 8.69 نقطة فقط[3].

ويوضح شكل رقم (1) نتائج المؤشر في دول شمال إفريقيا؛ حيث تصدرت دولة المغرب المؤشر بحصولها على 24.95 نقطة، تليها مصر ثم تونس والجزائر وليبيا.



ويعرض شكل رقم (2) نتائج مجموعة دول إفريقيا جنوب الصحراء؛ حيث جاءت دولة السودان على رأس قائمة المجموعة بحصولها على 36.62 نقطة، تليها جنوب إفريقيا ثم كينيا وهما دولتان ذواتا أقلية مسلمة، ثم نيجيريا والسنغال.





ويعرض شكل رقم (4) نتائج المؤشر لدول جنوب الصحراء في قطاعات الاقتصاد الإسلامي المختلفة؛ حيث تصدر كل من قطاع الأغذية الحلال وقطاع المستحضرات الطبية والتجميل نتائج المؤشر (24.77، 24.75) على التوالي، يليهما الأزياء المحافظة (15.78)، ثم قطاع السفر الحلال (14.18)، ثم الإعلام والترفيه (8.46)، وأخيرًا التمويل الإسلامي (5.8).


ثانيًا- السفر الحلال:

- تعريف السفر الحلال:

تتعدد المصطلحات المستخدمة للدلالة على نوع من السياحة المتوافقة مع القيم الإسلامية، من بينها مصطلح "السفر الحلال"، و"السياحة الإسلامية"، و"السياحة الحلال"، و"السياحة الصديقة للمسلمين" (MFT)، و"الضيافة الحلال"، وغيرها من المصطلحات التي تشير إلى المنتجات والخدمات السياحية التي تلبي احتياجات المسافرين المسلمين.

تمثلت البداية في ظهور مصطلح السياحة الدينية أو الروحية مع عقد مؤتمر "السياحة والأديان: مساهمة في حوار الثقافات والأديان والحضارات" عام 1967 في قرطبة بإسبانيا، الذي نظمته منظمة السياحة العالمية (UNWTO)[4]؛ حيث تم تعريف السياحة الدينية أو الروحية على أنها "الأنشطة السياحية التي تستند إلى دوافع محددة للقيم الدينية مثل الديانة الهندوسية والبوذية والمسيحية والإسلام والأديان الأخرى". بمرور الوقت، اتسع المفهوم ليشمل أنواعًا أخرى من السياحة ليظهر مفهوم السياحة الحلال أو السفر الحلال الذي أصبح يجتذب العائلات المسلمة وغير المسلمة على حد سواء[5]. ويختلف مفهوم السفر الحلال أو السياحة الحلال عن السياحة الدينية والتي تقتصر على أداء الشعائر الدينية كالحج والعمرة.

لا يقتصر السفر الحلال على الترفيه العائلي أو السفر بغرض السياحة، بل يشمل جميع الأغراض كالسفر للتجارة أو زيارة الأقارب أو التعليم أو التسوق أو اكتشاف التراث الإسلامي والتاريخ الإسلامي؛ لذا تعتمد هذه الدراسة مصطلح السفر الحلال كونه أكثر شمولًا من السياحة الحلال[6].

- سوق السفر الحلال العالمي:

يقدر سوق السفر الحلال العالمي بنحو 140 مليون مسافر في عام 2018، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 230 مليون بحلول عام 2026 (شكل رقم 5) [7].


Source: Global Muslim Travel Index 2019, p18.

بلغ الإنفاق العالمي على السفر الحلال 177 مليار دولار خلال عام 2017، ومن المتوقّع أن يصل إلى 274 مليار دولار بحلول عام 2023[8] .

وتبلغ مشتريات المسافرين المتعلقة بالسفر الحلال عبر الانترنت حاليًا 45 مليار دولار، وتشير التقديرات إلى أنها ستصل إلى 180 مليار دولار بحلول عام 2026[9].

تتمثل أهم الوجهات المقصودة للسفر الحلال في عشر دول إسلامية وهي: السعودية، تركيا، المغرب، ماليزيا، البحرين، الإمارات العربية المتحدة، إيران، أوزبكستان، وإندونيسيا. وقد استأثرت هذه الدول العشرة بنحو 36% من إجمالي سوق السفر الحلال لعام 2018. كما تصدرت عشر دول غير إسلامية هذه الوجهات وهي: إسبانيا، فرنسا، روسيا، تايلاند، سنغافورة، جورجيا، إيطاليا، الهند، المملكة المتحدة، واليونان. وقد استحوذت الدول غير الإسلامية على 22% من إجمالي عدد المسافرين.

في المقابل فإن جانب الطلب في السفر الحلال يأتي من كثير من الدول الإسلامية وغير الإسلامية، وكان على رأس الدول الإسلامية التي يفد منها السياح الجزائر وأذربيجان وبنجلاديش ومصر وإندونيسيا وإيران، في حين تصدرت الدول غير الإسلامية الصين وفرنسا وألمانيا والهند[10].

تصدرت منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط ودول مجلس التعاون الخليجي من حيث الإنفاق على السفر الحلال بمبلغ 54.4 مليار دولار عام 2018، ويوضح الشكل (6) أكثر الدول إنفاقًا على السفر الحلال خلال عام 2018. مليار دولار


Source: Global Muslim Travel Index 2019, p19.

بلغت استثمارات السياحة الحلال 40 مليون دولار، وهي الاستثمارات المفصح عنها في الأسهم الخاصة أو رؤوس الأموال المخاطرة ما بين عامي 2015 و2018.

- مظاهر الاهتمام بالسفر الحلال:

شهدت السنوات الأخيرة تنامي الاهتمام العالمي بالسفر الحلال، وتتعدد مظاهر هذا الاهتمام؛ حيث توجه الكثير من الدول -سواء إسلامية أو غير إسلامية- اهتمامها بتلبية احتياجات المسافر المسلم من خلال توفير الشواطئ والمنتجعات التي تراعي خصوصية الشريعة الإسلامية والحرص على تقديم العروض السياحية التي تشمل الفنادق والمرافق وخدمات السفر الملائمة للمسلمين.

ومن مظاهر الاهتمام بالسفر الحلال انتشار المواقع الالكترونية المختصة به وكذلك تطبيقات الهواتف، ومن الأمثلة على ذلك موقع وتطبيق Have Halal Will Travel، والذي تم تدشينه عام 2015، ويستخدمه حاليًا 9.1 مليون مستخدم شهريًا[11]. وموقع Halal Travel Guide، وموقع Halal Booking الذي تم إنشاؤه عام 2009، وغير ذلك[12]، ومن المتوقع أن تسهم رقمنة السفر الحلال في تعزيز تنامي هذا القطاع[13].

كانت البوسنة والهرسك أول دولة أوروبية تتبنى الاهتمام بالسفر الحلال، ثم انضمت إلى السباق دول أوروبا الغربية مثل فرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة، وقد اعتمد فريق مدققي الحسابات في شركة CrescentRating أكثر من 500 شركة حول العالم مصنفة على أنها صديقة للسفر الحلال[14].

وقد استضافت إسبانيا المؤتمر الدولي الأول حول السياحة الحلال عام 2014؛ لمناقشة طرق الاستفادة من هذا السوق الواعد[15]. كما أقيم في سنغافورة معرض السفر ITB Asia عام 2018، بالاشتراك مع Crescent Rating وHalal Trip، لتقديم حلقات نقاش متخصصة وعروض تستهدف 156 مليون مسلم سوف يقومون بحجز رحلات السفر من الآن وحتى عام 2020[16].

ثالثًا- السفر الحلال في إفريقيا:

- السفر الحلال في إفريقيا من خلال مؤشر الاقتصاد الإسلامي:

يعد السفر الحلال أحد القطاعات الواعدة في الاقتصاد الإسلامي في القارة الإفريقية، ولا تزال منطقة شمال إفريقيا تستحوذ على هذا القطاع، وإن كانت منطقة جنوب الصحراء قد بدأت تجتذب جانبًا من سوق السفر الحلال في السنوات الأخيرة.

ووفقًا لمؤشر الاقتصاد الإسلامي العالمي (GIEI) كان متوسط قيمة مؤشر قطاع السفر الحلال في إفريقيا 18.17 نقطة في عام 2018/ 2019، وتباينت نتائج كل من مجموعة شمال إفريقيا ومجموعة جنوب الصحراء على النحو التالي:

1) مؤشرات السفر الحلال في شمال إفريقيا:


ويتكون مؤشر السفر الحلال من أربعة مؤشرات فرعية، وهي المالية والحوكمة والوعي والمعيار الاجتماعي: حيث يشير مؤشر المالية إلى إجمالي أعداد السائحين الوافدين إلى الدولة، ويقصد بمؤشر الحوكمة مدى توفر البيئة الملائمة للحلال في هذه الدولة، بينما يشتمل مؤشر الوعي على عدد المقالات الإخبارية التي تتناول موضوعات السفر الحلال، وعدد الأحداث والفعاليات المتعلقة بالسفر الحلال، وأخيرًا يقصد بالمعيار الاجتماعي نسبة مساهمة السفر الحلال في التوظيف.

يعرض الشكل رقم (8) نتائج المعايير الفرعية لمؤشر السياحة الحلال لدول شمال إفريقيا؛ حيث تصدرت تونس المؤشر المعيار المالي بحصولها على 71.98 نقطة، تليها مصر ثم المغرب والجزائر وليبيا، وكان متوسط دول المجموعة 28.08 نقطة.

تساوت دول المجموعة في معيار الحوكمة بحصول كل منهم على 66.76 نقطة، وفي معيار الوعي لم تحصل ليبيا والجزائر وتونس على أي درجة، وحصلت المغرب على 3.78 نقطة، تليها مصر. وأخيرًا المعيار الاجتماعي تصدرت المغرب المؤشر بقيمة 30.48 نقطة، تليها تونس ثم مصر ثم الجزائر وليبيا، وكان متوسط دول المجموعة 18.17 نقطة.


لا تزال نسبة مساهمة السفر الحلال في التوظيف متدنية للغاية في دول شمال إفريقيا والتي بلغت في المتوسط 0.098%، وكانت أعلى نسبة في المغرب 0.16%، تليها تونس ثم مصر والجزائر وليبيا (شكل رقم 9).


2) مؤشرات السفر الحلال في إفريقيا جنوب الصحراء:

يعرض شكل رقم (10) نتائج قطاع السفر الحلال في دول إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر الاقتصاد الإسلامي العالمي؛ حيث بلغ متوسط المؤشر لدول المجموعة 14.18 نقطة. تصدرت السودان المؤشر بقيمة 29.26 نقطة تليها موزمبيق وساحل العاج والسنغال، وجاءت سيراليون في ذيل القائمة بحصولها على 1.91 نقطة فقط.


وفيما يتعلق بالمعايير الفرعية لمؤشر السفر الحلال، تصدرت موزمبيق في المعيار المالي بقيمة 18.12 نقطة، تليها ساحل العاج ثم أوغندا. وفي مؤشر الحوكمة حصلت السودان على 100 نقطة، تليها موزمبيق ثم ساحل العاج. وفي معيار الوعي حصلت كينيا على 12.36 تليها جنوب إفريقيا ثم السودان، وأخيرًا تصدرت جنوب إفريقيا المعيار الاجتماعي بقيمة 17.66 نقطة تليها السنغال ثم كينيا (شكل رقم 11).


من حيث نسبة مساهمة السفر الحلال في التوظيف في دول جنوب الصحراء، جاءت النتائج في المتوسط أقل من دول شمال إفريقيا؛ إذ بلغت 0.06% فقط، وكانت نسبة مساهمة السفر الحلال في التوظيف في جنوب إفريقيا هي الأعلى (1%) تليها السنغال وكينيا، وجاءت الجابون في المركز الأخير بنسبة 0.03% (شكل رقم 12).


- السفر الحلال في إفريقيا من خلال مؤشر السفر العالمي للمسلمين:

يعد مؤشر السفر العالمي للمسلمين GMTI لعام 2019 الصادر عن مؤسستي MasterCard وCrescentRating أحد المؤشرات الهامة التي ترصد وضع السفر الحلال في 130 دولة حول العالم. ويتكون المؤشر من 15 معيار فرعي، وتندرج هذه المعايير تحت أربع عناصر أساسية وهي البيئة والخدمات والاتصالات والوصول (شكل رقم 13).



المصدر: إعداد الباحثة من: GLOBAL MUSLIM TRAVEL INDEX 2019 يهدف المؤشر إلى تحديد العوامل التي تؤثر على اختيار السياح المسلمين لوجهتهم السياحية، وذلك من أجل فهم وتلبية الاحتياجات الثقافية والدينية للمسافرين المسلمين من قبل منظمي السفر الحلال، ليتسنى لهم توفير منتجات وخدمات مصممة خصيصًا لهم[17].

توضح الخريطة التالية نتائج دول القارة الإفريقية في مؤشر السفر الإسلامي العالمي لعام 2019:

إعداد الباحثة من: GLOBAL MUSLIM TRAVEL INDEX 2019

تمثلت الدول الخمس الأولى في المؤشر في: المغرب التي احتلت المركز الأول إفريقيا والسابع عالميًا وحصلت على 67 درجة، تليها مصر في المركز 14 عالميًا (61 درجة)، ثم تونس في المركز 16 عالميًا (59 درجة)، وفي المركز الثالث إفريقيا جاءت الجزائر في المركز 19 دوليًا (56 درجة)، واحتلت جنوب إفريقيا المركز الرابع إفريقيا والـ 29 عالميًا (52 درجة)، وفي المركز الخامس السودان التي كان ترتيبها دوليًا 31 وحصلت على 51 درجة.

وفي المركز الأخير جاءت سوازيلاند لتحتل المركز 121 من 130 دولة وحصلت على 27 درجة فقط في المؤشر.

اللافت للنظر أن الثلاث مراكز الأولى كانت من نصيب دول شمال إفريقيا، مما يشير لتوفر مقومات السفر الحلال فيها أكثر من دول الجنوب، كما أن جنوب إفريقيا أصبحت من أهم جهات الجذب في السفر الحلال في إفريقيا على الرغم من كون المسلمين أقلية لا تتعدى 3%، الأمر الذي يؤكد أن نجاح الدولة في توفير مقومات السفر الحلال لا يقتصر فقط على الدول ذات الأغلبية المسلمة.

وفيما يلي تفصيل نتائج المؤشرات الفرعية:

1) البيئة الملائمة للمسلمين:

تصدرت تونس قائمة الدول كوجهة ملائمة للأسر المسلمة وحصلت على 51 نقطة في المؤشر، في حين كانت جزر القمر أقل البيئات ملائمة وحصلت على 9 نقاط فقط.

وفيما يتعلق بالسلامة والثقافة احتلت سوازيلاند المركز الأول وحصلت على 100 نقطة، وكانت أقل الدول الصومال وحصلت على 97 نقطة.

وتظهر نتائج المؤشر أن معظم الدول الإفريقية التي شملتها عينة الدراسة تلتزم بالضوابط الشرعية 100%، فيما عدا المغرب التي حصلت على 67 نقطة، وكل من الجابون والكاميرون وتشاد حصلت على 33 نقطة.

أما من حيث أعداد السياحة الوافدة فاحتلت المغرب المركز الأول بحصولها على 66 نقطة، أما أقل الدول جذبًا للسفر الحلال فكانت كينيا وحصلت على نقطتين فقط في المؤشر (شكل رقم 15).


Source: GLOBAL MUSLIM TRAVEL INDEX 2019

2) الخدمات والمرافق الملائمة للمسلمين:

جاءت الصومال والسودان في صدارة الدول التي تقدم خدمات الطعام الحلال وحصلت كل منهما على 90 نقطة في المؤشر، ثم الجزائر (89 نقطة)، ومصر (85 نقطة).

ومن حيث توفير أماكن مخصصة للصلاة حصلت تسع دول على 100 نقطة، وهي دول شمال إفريقيا إضافة إلى السودان، الصومال، جيبوتي، السنغال، جزر القمر.

وكانت المغرب أفضل الدول في تجهيز مرافق المطار المؤهلة لاستقبال المسافرين المسلمين وحصلت على 87 نقطة، في حين جاءت تنزانيا في المركز الأخير بحصولها على 16 نقطة، وهناك عدة دول حصلت على صفر.

كما تصدرت المغرب أيضًا في خيارات السكن وحصلت على 52 نقطة، مقابل سوازيلاند التي حصلت على 13 نقطة لتحتل المركز الأخير.

فيما يتعلق بالتجارب الفريدة من نوعها والتي تشير إلى الثراء في الأماكن الأثرية والثقافية والتاريخية تصدرت مصر دول القارة بحصولها على 55 نقطة، وحصلت توجو على نقطة واحدة فقط (شكل رقم 16).


Source: GLOBAL MUSLIM TRAVEL INDEX 2019

3) مؤشرات التواصل:

احتلت تونس المركز الأول في سهولة الاتصالات (70 نقطة)، وجاءت غينيا بيساو في المركز الأخير (نقطتان).

وتصدرت جنوب إفريقيا في كل من البنية الرقمية والوعي باحتياجات المسلمين حيث حصلت في كل من هذين المؤشرين على 60 و51 على التوالي (شكل رقم 17).


Source: GLOBAL MUSLIM TRAVEL INDEX 2019

4) سهولة الوصول:

المركز الأول في الربط الجوي كان من نصيب مصر (40 نقطة)، في حين لم تحصل سيراليون إلا على نقطة واحدة.

وتصدرت مصر أيضًا قائمة الدول من حيث توفير البنية التحتية اللازمة للمواصلات (72 نقطة)، أما سوازيلاند فكانت في المركز الأخير وحصلت على 22 نقطة.

ومن حيث سهولة الحصول على التأشيرة كانت المغرب في مقدمة الدول الإفريقية (82 نقطة)، وجاءت الكاميرون في المركز الأخير بحصولها على 41 نقطة (الشكل رقم 18).


Source: GLOBAL MUSLIM TRAVEL INDEX 2019

رابعًا- مستقبل السفر الحلال في إفريقيا:

- محددات السفر الحلال العالمي:

تناولت دراسة مسحية قامت بها الكومسيك عام 2016 العوامل المتدخلة للتأثير على السياح المسلمين في اختيارهم لوجهاتهم السياحية. وانتهت الدراسة إلى أن هناك عوامل ثلاث تحدد وجهات المسافرين المسلمين وتمثلت بالترتيب في:

توفر خدمات السياحة الملائمة للمسلمين، التكلفة الإجمالية لهذه الخدمات، ودّية السكان المحليين، مواقع التراث الإسلامي، أنشطة وأماكن جذب الأطفال، أماكن جذب ثقافية، أنشطة شاطئية ومائية، القرب الجغرافي، وتوفر الأنشطة الرياضية.

وتتمثل أهم محددات الطلب على السفر الحلال في:

- توفير البيئة الملائمة للمسلمين: من الناحية الثقافية (الوجهات التاريخية والتراثية)، والشرعية (الالتزام بضوابط الشريعة)، والأمنية حيث يحرص المسافر المسلم على اختيار الوجهات التي تتمتع بالأمن ويضمن فيها سلامته وسلامة أسرته.

- توفير الخدمات والمرافق الملائمة للمسلمين: والتي تشمل الطعام الحلال والالتزام بمنع تقديم الخمور والأطعمة المحرمة، وتخصيص أماكن للصلاة، ودورات مياه ملائمة للمسلمين، وتخصيص أماكن للرجال وأخرى للنساء لضمان عدم الاختلاط بين الجنسين.

- تقديم التسهيلات اللوجستية: كسهولة الحصول على تأشيرة أو عدم اشتراط تأشيرة للدخول. وكذلك مدى توفر وسائل المواصلات البرية والجوية والبحرية، وجودة البنية التحتية اللازمة للنقل، وللموقع الجغرافي أيضًا دور كبير في هذا الصدد.

- تيسير التواصل والاتصالات: تحرص كثير من الوجهات السياحية تحرص على توفير كتيبات وإرشادات وملصقات بعدة لغات من بينها العربية والانجليزية للتغلب على عائق اللغة. كما أن لوسائل الاتصال ومدى التقدم في الخدمات الرقمية دور هام في اختيار وجهات السفر كالانترنت فائق السرعة وخدمات الوايف فاي في الفنادق والمنتجعات، وخدمات الهاتف المحمول وغيرها من الخدمات الرقمية.

- التمويل الحلال للسفر: حيث تعتمد جميع الفنادق والمطاعم ووكالات السفر وشركات الطيران على التمويل الحلال الخالي من الربا والفائدة[18].

ويمكن القول إن هذه المحددات جميعها يمكن أن توفرها الدول الإفريقية لجذب المسافرين المسلمين، والدخول بقوة في سوق السفر الحلال.

- فرص السفر الحلال في إفريقيا:

تتمثل المحركات الأساسية التي تسهم في دفع سوق السفر الحلال نحو النمو السريع في إفريقيا فيما يلي:

1) توقعات نمو السياحة العالمية في القارة: تشير بعض التوقعات إلى استقطاب إفريقيا نحو 7% من إجمالي السائحين حول العالم بحلول عام 2030 (143 مليون سائح)، ويتوقع أن تظل دول شمال إفريقيا في صدارة استقبال السياح في عام 2030 (2.5%)، تليها شرق إفريقيا (2.1%)، ثم جنوب إفريقيا (1.6%)، وأخيرًا منطقة غرب ووسط إفريقيا بنسبة (1.2%)[19]؛ مما يمثل فرصة كبيرة أمام القارة بتقديم خدمات السفر الحلال التي سوف تزيد من نصيبها المتوقع من السياحة العالمية.

2) تنامي الطلب العالمي على السفر الحلال: فهناك من جهة نمو متسارع في عدد السكان المسلمين، ومن جهة أخرى تزايد إقبال غير المسلمين على السفر الحلال، ويمكن لإفريقيا أن تكون إحدى الوجهات الملبية لهذا الطلب المتزايد، خصوصًا للسياح الوافدين من دول الخليج العربي.

3) تزايد فئة الشباب في إفريقيا: تشير التوقعات إلى أنه بحلول عام 2055، سيصل عدد الشباب في إفريقيا (الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما) إلى أكثر من ضعف عددهم في عام 2015 البالغ 226 مليون نسمة[20]. ولا شك أن تشكيل مستقبل السياحة الحلال يعتمد على خدمات الضيافة التي تقدمها هذه الفئة العمرية.

4) التطور الرقمي: أصبح الوصول إلى معلومات السفر عبر الانترنت من أهم تزايد الطلب على السفر الحلال، ويمكن لإفريقيا الاستفادة من هذه الفرص عبر تطبيقات المحمول مثل تطبيق HalalTrip، وعبر مواقع وتطبيقات حجوزات الفنادق مثل موقع HalalBooking.

5) نمو الأعمال التجارية: دفع نمو الأعمال التجارية -خصوصًا في الدول الإسلامية ذات الاقتصادات المتنامية مثل تركيا وماليزيا ودول الخليج- كثير من رجال الأعمال والمستثمرين إلى السفر لأغراض حضور المؤتمرات والفعاليات والمعارض التجارية وغيرها، مما يوفر فرصة كبيرة لإفريقيا لتشجيع سياحة المؤتمرات وتلبية الطلب المتزايد عليها[21].

6) انتشار أنواع جديدة من السياحة: لم يعد السفر للسياحة قاصرًا على غرض الترفيه، بل دخلت منتجات سياحية مبتكرة الساحة بقوة ويمكن أن تمثل فرصة أمام القارة الإفريقية، ومن هذه الأنواع:

- السياحة البيئية: تضم السياحة البيئية أنشطة متعددة مثل رياضات الغوص ومشاهدة الآثار الغارقة ورحلات السفاري ومراقبة الطيور ومتنزهات الحياة البرية والمحميات الطبيعية والاستشفاء البيئي، وتزخر القارة الإفريقية بالطبيعة البكر التي تؤهلها لاجتذاب أعداد كبيرة من المسافرين الراغبين في السفر الحلال.

- السياحة التراثية: تحظى القارة الإفريقية بالعديد من الأماكن التراثية التي تجتذب المسافرين المسلمين ويمكن أن تشكل وجهة مهمة في السفر الحلال سواء في شمال إفريقيا أو جنوبها.

- السياحة الشاطئية: لا تزال الشواطئ والمنتجعات أبرز الوجهات التي يشملها السفر الحلال، ويمكن لإفريقيا استثمار شواطئها في تلبية حاجات المسافرين المسلمين وتوفير البيئة الملائمة للسفر الحلال سواء على شواطئ البحرين المتوسط والأحمر أو المحيطين الأطلنطي والهندي.

7) توفر الثروة الزراعية والنباتية: وهي من المؤهلات اللازمة لتلبية طلب المسافر المسلم على الأطعمة الحلال.

- تحديات السفر الحلال في إفريقيا:

في المقابل توجد العديد من التحديات التي تواجه نمو السفر الحلال في القارة، من أهمها:

1) ضعف البنية التحتية اللازمة للمواصلات في كثير من الدول الإفريقية ومن بينها ضعف انتشار النقل الجوي وتدني كفاءة شبكات الطرق البرية؛ مما أدى إلى بعد إفريقيا عن الأسواق السياحية[22].

2) تأثير التغيرات المناخية التي قد تؤدي إلى تراجع معدلات السياحة بصفة عامة في القارة، مما يستوجب البحث عن أنماط بديلة للسياحة التقليدية بحيث تكون أقل عرضة للتأثر بالتغيرات المناخية، ومن بينها السياحة الثقافية والتراثية[23].

3) الافتقار إلى معايير وشهادات عالمية موحدة للسفر الحلال.

4) نقص الموارد المالية اللازمة لتنمية قطاع السفر الحلال.

5) تزايد الاضطرابات السياسية وأعمال العنف والصراعات التي تحد من تدفق السائحين.

6) ضعف الإمكانات اللازمة لتسويق السفر الحلال، وإن كان التقدم الرقمي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي قدمت الحلول لمواجهة هذا التحدي.

7) غياب الإحصاءات المتعلقة بالسفر الحلال في الدول الإفريقية.

الخاتمة:

- نتائج الدراسة:

توصلت الدراسة إلى النتائج التالية:

- تنامي الطلب العالمي على السفر الحلال ونموه بوتيرة متسارعة.

- شهد الاقتصاد الإسلامي تطورا كبيرا في إفريقيا في السنوات الأخيرة، وخصوصًا في قطاع السفر الحلال.

- لا تزال منطقة شمال إفريقيا تتصدر سوق السفر الحلال، وإن كانت التوقعات تشير إلى أن تصبح منطقة جنوب الصحراء من الوجهات الجاذبة لهذا القطاع.

- تنخفض نسبة مساهمة السفر الحلال في التوظيف؛ حيث بلغت 0.098% في دول شمال إفريقيا، و0.06% في دول جنوب الصحراء.

- تتمثل أهم محددات الطلب على السفر الحلال في البيئة الملائمة للمسلمين والخدمات والمرافق التي تلبي احتياجاتهم والتسهيلات اللوجستية والتواصل والاتصالات، ومعظم هذه المقومات تتوافر في القارة الإفريقية.

- تزخر القارة الإفريقية بالعديد من الفرص التي تؤهلها لتصبح منطقة جذب للسفر الحلال، كما تواجهها العديد من التحديات.

- مقترحات الدراسة:

من أجل التغلب على هذه التحديات تقترح الدراسة ما يلي:

- استثمار الفرص المتاحة أمام القارة كجهة جذب للسفر الحلال.

- العمل على فهم احتياجات وتفضيلات المسافرين المسلمين، والمرونة في توفير البدائل هذه الاحتياجات.

- إتاحة مرافق صديقة للمسلمين وتوفير الخدمات والبنية التحتية المتعلقة بالسياحة.

- مبادرة الدول الإفريقية بحثّ معهد المواصفات والمقاييس للدول الإسلامية على توحيد المعايير المتعلقة بالسفر الحلال.

- الوعي بأهمية إدراج السفر الحلال في استراتيجيات تنمية السياحة الوطنية.

- الاهتمام بإحصاءات السفر الحلال وتضمينها في النشرات الإحصائية المتعلقة بالسياحة وإتاحتها الكترونيًا.

- تنظيم المعارض السياحية للتعريف بوجهات السفر الإفريقية التي تلبي حاجات المسلمين.

- استقطاب رواد صناعة السياحة في الدول الإسلامية الكبرى وتعريفهم بمقومات ووجهات السياحة الإفريقية.

- حثّ رجال الأعمال على الاستثمار في هذا القطاع السياحي الواعد.

- الاستفادة من التطبيقات الرقمية في التسويق للسفر الحلال.

- إبراز قصص النجاح في القارة مثل تجربة جنوب إفريقيا والاستفادة من هذه التجارب.

المقال منشور في مجلة قراءات إفريقية عدد 43 يناير 2020

رباط تحميل المقال من موقع أكاديميا


 

([1]) Thomson Reuters. (2018). State of the Global Islamic Economy Report 2018/19. New York: Thomson Reuters. P.3. ([2]) Thomson Reuters. Op.cit. P.7,8. ([3]) https://www.salaamgateway.com/global-islamic-economy-indicator ([4]) Alfanda, R., & Suhartanti, P. D. (2018). SWOT Analysis: How to Promote Halal Tourism in Aceh?. Sebelas Maret Business Review, 2 (2). p.112-122. ([5]) Idem. ([6]) Duman, T. (2011). “The Value of Islamic Tourism: Perspectives from the Turkish Experience”. presented at the World Islamic Tourism Forum (WITF 2011), Kuala Lumpur. ([7]) Mastercard-CrescentRating. (2019). Global Muslim Travel Index 2019. Singapore: Mastercard-CrescentRating. p18. ([8]) Thomson Reuters. Op.cit. p.5. ([9]) Mastercard-CrescentRating. Op.cit.p18. ([10]) Ibid. p19, 20. ([11]) https://www.havehalalwilltravel.com/ ([12]) Debra Kamin. The Rise of Halal Tourism. The New York Times. Jan. 18, 2019. ([13]) Thomson Reuters. Op.cit. p.5. ([14]) Laura Secorun Pale. God-Blessed Vacations. Ozy. Dec 2014. ([15]) Europe to host first-ever international conference on Halal tourism. Crescent Rating. Jul 2014. ([16]) Debra Kamin. op.cit. ([17]) Ibid. p.9. ([18]) Alfanda, R., & Suhartanti, P. D. op.cit. ([19]) موسى فتحي موسى عتلم، التحليل الجغرافي للحركة السياحية إلى إفريقيا، مجلة قراءات إفريقية، العدد 30، شوال- ذو الحجة 1437هـ / أكتوبر – ديسمبر 2016م، ص 60-71. ([20]) محمد يحيى، الفرص الضائعة ودعم الشباب في أفريقيا، مجلة البيان، مؤسسة دبي للإعلام، 30 أغسطس 2017. ([21]) Mastercard-CrescentRating. (2017). Global Muslim Travel Index 2017. Singapore: Mastercard-CrescentRating. P.3. ([22]) موسى فتحي موسى عتلم، مرجع سابق.

([23]) المرجع نفسه.

Comments


bottom of page